ثقافة
03.04.24

رحلة في سماء الفن الليبي "قاموسك للتعرف على الموسيقى الليبية" الجزء الثاني


أعزائي قراء الواو أعود لأحلق بكم مجددًا على بساط طائر هذه المرة يحلق في أبعاد مختلفةٍ من سماء الفنون الموسيقية الليبية لنتنقل بين وجهات مختلفة سيبعث فيك كلٌ منها قدرًا من الدهشة يكفي لتعود لزيارته مرةً تلو الأخرى بحثًا عن الطرب أو رغبةً في الوصول للذة التماهي مع الألحان، ودون أن أطيل عليك المقدمات أهلاً بك في رحاب الموسيقى الليبية!

*ملاحظة يمكنكم الاطلاع على محطاتنا السابقة في الجزء الأول من هذه المقالة

المحطة الرابعة: الزكرة 

في كل ثقافة ثمة طيف موسيقي واحد على أقل تقدير يرتبط في أذهان الناس بالفرح والمرح، بالهرج والكثير من المرج ترافق الناس كخلفية حارسة لضحكاتهم، وخفقات قلوبهم المترعة بالفرح، يحمي عادةً ذكريات مواسم الزفاف، حفلات الاحتفاء بالمواليد الحديثة، وفرحة الأحباب بعودة مغترب من سفر طويل.. في ليبيا يلعب فن "الزكرة" أو "الغيطة" هذا الدور، ويسمى العازف الرئيسي فيه بالزكار 

وهي توليفة موسيقية تتألف من عدة آلات أهمها النفخية أو "الزردة"، التي تُشبه في شكلها القصبة، و"الدنقة" وهي نوع من أنواع الآلات الإيقاعية تشبه الطبلة مع وجود بعض الاختلافات، و"الزكرة" وتشبه إلى حدٍ كبير مزمار القربة تحوي سبعة ثقوب هي أوزان السلم الموسيقي المعروفة ويرجع تاريخ هذه الآلة إلى حدود القرن 18 الميلادي. 

وارتبطت في ذاكرة الليبيين بشخصية "بوسعدية" التي احتلت وما زالت تحتل مكانة كبيرة في الموروث الحكائي الشعبي حيث تعد شخصية بوسعدية امتدادًا للحضارات الأفريقية القديمة بالرقص الاستعراضي الذي يقدمه في الحواري والقرى أثناء عزفه على آلة "الدنقة".   

رابط تعريفي بالزكرة 

 

المحطة الخامسة: اغانى الزمزامات 

على الضفة الأخرى ثمّة فنٌ يضاهي "الغيطة" في شعبيته وقربه من مشاعر الناس على اختلاف أعمارهم، وطبقاتهم الاجتماعية، وخلفياتهم الثقافية إلا أنه يتوشح بنون النسوة اشتراطًا فهو فن محتكرٌ من قبل النساء تؤديه حصرًا النساء أمام النساء فقط. 

بجذور تاريخية عريقة ممتدة منذ أكثر من مئتي عام ، حيث يحكى أن الزمزامات كن يغنين في عهد الدولة القرمانلية في حفلات "حريم القرمانلي" حاكم طرابلس، وفي حفلات حريم حاشيته المقربة. 

وتعد فرق الزمزامات جزءًا لا يتجزأ من مراسم الاحتفال بالأفراح في بعض مدن الغرب الليبي سيما في العاصمة طرابلس.  

وتعد الزمزامات صوتًا تحمله النساء حكايا معاناتهن ملحنةً فتتغنى الزمزامات بقصص العنف والقهر الذي تخضع له النساء من قبل الرجال الذين تخضع النساء لجور سطوتهم، من أخوة ,آباء، وأزواج.. كما يخصصن قدرًا من أغنياتهن لمعالجة المشكلات العاطفية التي تطرأ على حياة المحبين ولكن من وجهة نظر نسائية بحتة.. وتكرس بعض الأغنيات للتعبير عن لوعة الفراق، ولذة اللقاء، وجرح الخيانة، وعن الغزل المتفاوت بين العذري والجريء.  

وتخصص بعض الأغاني للثناء والمديح، الذي تشيد من خلاله الزمزامات بالعائلة التي تقيم أو تحي الاحتفال.  

رابط تعريفي بالزمزامات 

المحطة السادسة: المجرودة  

تتميز ليبيا بتباين ثقافي انعكس على الموسيقى حتى صارت جسرًا يربط بين مكونات المجتمع المختلفة، وعلى واحدة من أطراف هذا الجسر قبعت فنون البدو النابضة بالحياة، وتعد من أشهر أنواع الفنون الموسيقية المرتبطة بالبادية "المجرودة" وهي مكونة من مقطوعات مثلّثة أو مربعة من الشعر. على أن تكون الأبيات الأولى من كل مقطع على نفس القافية، ويردّد الحضور البيت الأخير متقمصًا دور الكورال. ويرافق ذلك نمطًا لحنيًا موحدًا وإقاعًا من التصفيق يمتد على طول جلسة الإلقاء. 

تبدأ المجرودة بمقدمة افتتاحية، ثم يتناول الشاعر المواضيع التي يود أن يناقشها ويتنقل فيما بينها بسلاسة. وعادة ما تتمحور هذه الموضوعات حول طبيعة حياة البدو وقيمهم، مثل التباهي بصفات الشهامة والكرم والفروسية، وكذلك الثناء على القبيلة وأبنائها، وهجاء الأعداء، والغزل الوصفي أيضًا. 

رابط تعريفي بالمجرودة 

 

المحطة السابعة: غناوة العلم 

نمط آخر من أنماط الفنون الشعبية المرتبطة بالبادية، هو غناوة العالم، مفتاح البداية لجلسات الأفراح يستهل بها المغني "الغناي" مساحة تفتح الأبواب على مصرعيها لكل من يمتلك قدرًا من الموهبة من الضيوف، ليغني كلٌ جميل منهم لبثينته! ويبدأ سباق التعبير عن "الفواهق" المتألمة فيغني واحدٌ عن الأطلال "الدار"، وآخر عن الحزن اللامتناهي "الياس" وآخر عن حبه لشخصٍ غير متاح عاطفيًا "المرهون. وهكذا يتهافت الجالسين كلٌ بردٍ على الموضوع المطروح شريطة أن لا يقطع أحدهم تراتبية هذا الطرح الشعري الملحن بالحزن. 

وتتبع الغناوة عادةً بالشتاوة وهي لون آخر من ألوان الفنون الشعبي يقام في الأعراس والمناسبات المختلفة وتتكون من بيت شعري خفيف يتكون من شطرين تقسم بين مجموعتين من الحضور تردد فيها المجموعة الأولى الشطر الأول والمجموعة الثانية الشطر الثاني وتؤدى مضبوطةً على إيقاع التصفيق الحار بالكفوف. 

رابط تعريفي بغناوة علم 

 

وهنا أعزائي القراء محبي الفن والموسيقى نكون قد وصلنا لختام رحلتنا هذه وتعب بساطنا الطائر من التحليق في سماء الموسيقى الليبية التي لا حدود لسحرها.. أترككم مصحوبين بقدرٍ كافٍ من الموسيقى يكفي ليستثير فضولكم لتعرفوا أكثر  الفن الليبي وتاريخه الذي لن يتوقف عن إثارة دهشتكم.  

مقالات ذات صلة