حصّة: منصّة للتعليم الإلكتروني المفتوح بهويّة ليبيّة

في ظلّ التطور الرقمي في مختلف شؤون الحياة كان أيضاً للتعليم منهُ نصيباً، فشبكة الإنترنت أصبحت مصدراً تعليمياً غنياً بالمعلومات بداية من موقع اليوتيوب المليء بالفيديوهات التعليمية والثقيفيّة في مختلف العلوم والمجالات وبشتّى اللغات. ثم ظهر نوع آخر من التعليم التفاعلي وهو أكثر شموليّة وخصوصيّة أيضاً سمُيّت بالمنصّات التعليميّة التفاعليّة ليظهر معها مصطلح المساقات الهائلة المفتوحة عبر الإنترنت (MOOCs) وبدأت ظهور منصّات عالمية وعربية مرموقة ومختصّة بتقديم هذا النوع من المساقات بشكل مُفيد وعصري كمنصّة (Coursera) و(edX) و(Udacity) والعربيّة أشهرها منصّة (إدراك) الأردنية ومنصّة (رواق).

ولكن كان السؤال الذي يراودنا متى سيكون هناك لدينا منصّة رقميّة ليبيّة للتعليم الإلكتروني؟

منصّة حصّة.. وين ما أنت
في ظل الظروف الذي عاشها العالم مع أحداث وباء كورونا والذي غيّر الكثير من أمور حياتنا رأساً على عقب وتغيّرت المخططات والأفكار وأصبح من الضروري البحث على سُبل لعيش حياتنا بشكل طبيعي بأساليب جديدة وفي مختلف المجالات لا سيما مجال التعليم، فمن هنا ظهرت الفكرة وبدأت ترى نورها حيث بدأ العالمين في مؤسسة الحوار والمناظرة بليبيا (DDA) على إيجاد حلول للتعليم التفاعلي بعد توقّف أنشطتهم الخاصّة بتعليم المناظرة في المدارس والجامعات بسبب التباعد الإجتماعي المفروض، ومن هُنا قرروا بتأسيس منصّة رقمية ليبية أطلقوا عليها اسم منصّة (حصّة) والذي جاءت بالشراكة مع الوكالة الأمريكية للتنميّة الدولية (USAID) و المعهد الوطني الديمقراطي (NDI) .

يقول السيّد محمد أبوسنينه مدير مؤسسة الحوار والمنُاظرة : " في بداية انطلاقنا كانت المنصة مجرد وسيلة للمؤسسة لإيصال رسالتنا واستئناف مشاريعها افتراضياً، لكنها الأن منصة تعليم الكتروني ليبية، تمثل بيئة تعليم متكاملة وتوفر فرصة للشباب للتعلم واكتساب مهارات جديدة مجاناً وفي الوقت الذي يناسبهم، كما أنها تفتح المجال أمام كل من يرغب في تقديم محتوى هادف ومفيد، وعلى استعداد كامل لتقديم كل الدعم والتسهيلات اللازمة، من استشارات فنية وتقنية، حتى التسويق والدعاية".

وعن هدف المنصّة يقول: " هدفنا أن يكون التعليم القيم والمفيد مجاني ومتاح للجميع، للقضاء على محدودية الفرص التي تفرضها طبيعة التعليم التقليدي والمتمثله في صعوبة الوصول أو عدم القدرة على تغطية التكاليف المادية المترتبة عليها. بعد أقل من شهرين على انطلاق منصة حصة، يشترك فيها الآن أكثر من 1500 متعلم، وتحصل أكثر من 700 منهم على شهادة مشاركة في تدريب واحد على الأقل. هذه الأرقام بالنسبة لنا هي إشارة واضحة على أهمية ما نقوم به، وعلى الحاجة المحلة لمثل هذا المشروع "
حصّة بيئة تفاعلية وبوابة للتعلّم المفتوح.

يعمل فريق العمل القائم على حصّة أنّ لا تنحصر المنصّة في عمل محدود أو أن تكون منصّة لعرض الفيديوهات فقط وتتحول إلى شكل نمطي تقليدي كغيرها من المنصّات وتكون تكدساً للمعلومات، وهذا ما يؤكده السيّد بوسنينة قائلاً: " في الحقيقة حصة ليست مجرد صفحة ويب تحتوي على مجموعة من الفيديوات التعليمية، حصة هي بيئة تعليمية مهيئة للتفاعل بين المتدربين لتبادل المعرفة والفائدة، وذلك من خلال النقاشات في خانة التعليقات المخصصة لكل تدريب. كما أننا نأخذ في عين الاعتبار تعدد وسائل ايصال المعلومة، بحيث نستخدم المرفقات والملخصات المكتوبة، إلى جانب المقالات المصاحبة للفيديوات والتمهيد الخاص بكل درس، كما أن جانب التحفيز هو من أهم الأمور التي نأخذها في عين الاعتبار، والتي نقوم بها من خلال تقنيات التلعيب المتمثلة في سلم الإنجازات ونظام تجميع النقاط، التي تزيد المنافسة بين المتدربين وتحافظ على رغبتهم وحماسهم للتعلم. ولا زلنا نعمل على تطوير هذا النظام".

حصّة بوابة للجميع .. منكم وإليكم
منذ أول لحظات انطلاق منصّة (حصّة) فتحت أبوابها لكل من يريد أن يكون ضمن أسرتها ويقدّم محتوى تدريبي وتعليمي على المنصّة أن يتقدّم بطلب ومرفق به نوع المحتوى التدريبي الذي يودّ تقديمه ويعمل القائمون على المنصّة مُراجعة الطلبات ودارستها والتواصل مع المدرّبين بخصوص الإعداد والتنسيق.
فالباب مفتوح للتقدّم وعن طريق الموقع الإلكتروني للمنصّة يمكن لمن يملك المهارة والكفاءة أن يقدّم محتوى تعليمي أو تدريبي أو تثقيفي فالقائمون على منصّة حصّة يقولون لكم هي منصّة منكم وإليكم.

حصّة في عيون روّادُها
كان لزاماً علينا وبعد أنّ تحدّثنا عن حصّة من وجهة نظر القائمين عليه أن نضع وجهة النظر الشريك الآخر في هذا العمل وهو طُلاب ومُستخدمي وزائري هذه المنصّة.

تحدّثنا مُنى اسميوا – مُدرّبة متخصّصة في مجال الـمُناظرات عن بدايتها في عالم المساقات والمنصّات الإلكترونية وتجربتها مع حصّة : " قبل أربع سنوات بالتحديد، بدأت في رحلة التعلم الإلكتروني، والاهتمام باكتساب المعرفة الجديدة من خلال المنصات التعليمية، سواء أكانت باللغة العربية أو غيرها. كُنت ولا زلت شديدة الاعجاب بالكيفية التي تُقدِم بها تلك المنصات المعلومات، ودائمة التمنّي والتطلع لرؤية منصة ليبية تكون بالجودة والاحترافية التي اعتدت على وجودها في تلك المنصات، والمفرح هنا أن منصة حصّة قد جاءت ملبية لهذه الخواطر، فبمجرد أن تدخل لموقعها وتبادر بالتسجيل في أحد مساقتها؛ ستجد الأسلوب المتمكن من قبل المدرب، والمادة العلمية القيمة والمختارة دون غيرها. وكذلك حرص المنصة على البساطة في الطرح والعمق في تناول المحتوى في آن واحد؛ وهذا ما جعل مستوى انسجامنا ورغبتنا في اكمال مساقاتها عالي جداً، ولعل الأعداد الكبيرة المسجلة تحت مسمى المتدربين؛ يوافقني في صفِ هذا المبرر ناحية مزايا هذه المنصة".

وعن تجربتها في التعليم الإلكتروني تُعبّر مُنى بفرح إعجاب كبير: " التجربة مع التعليم الالكتروني تجربة نافعة جداً ودائماً ما أشجع وأنصح بها، فالمكاسب فيها لا تقتصر على المعلومات وحسب؛ بل هي مكسبة للوقت وموفرة للجهد وكذلك المال، بحكم أن كثير من المساقات المطروحة في إطار هذا التعليم مجانية وأحيان تكون بمبالغ رمزية. هذه المرونة العالية تجعل من منصات التعليم الإلكتروني أداة محفزة لاكتساب المزيد من المعرفة، والتطلع ناحية كل جديد يخصها وإدمان التعلم من خلالها".

وحتى يكون للأمر فائدة وثمرة أردنا أنّ نوصل للقائمين على هذه المنصّة نصائح ووصايا لتطويرها لنكون ومن خلال مقالتنا هذا شُركاء ولو بشكل بسيط في الـمُساهمة في إنجاحها وعن طريق ضيفتنا مُنى لتنقل بخبرتها واحتكاكها الكبير مع المنصّات التعليمية الإلكترونيّة نصائح لفريق حصّة فتقول لهم: " التوصية المعتاد تقديمها لهكذا مبادرة تكمن في المحافظة على الجودة والاحترافية التي يقدم بها المساق الالكتروني، وذلك في ظل زخم المنصات التعلمية الموجودة، أيضاً نتمنى أن نرى فيها تنوع يشمل جُملة من المساقات لأغلب التخصصات العلمية، والحرص على انتقاء أصحاب الخبرات لتقديمها. والتنوع هنا يشمل كذلك الفئات العمرية المختلفة، ويُحبب جداً التركيز على ما يلائم الأجيال الشبابية الجديدة، وذلك من خلال تمرير المعرفة التي يتوجب عليهم إدراكها، والاستفادة من نقطة تعلقهم بكل ما هو إلكتروني".

مقالات ذات صلة