رياضة
26.10.21

الدقيقة الخامسة والثمانين

إنها الدقيقة 85 حيث يفقد الجميع الأمل عند الوصول لهذه الدقيقة وخصمك متقدمًا عنك بفارق هدفين، كل الأماكن تبدو بائسةً في هذا الوقت، لكن هناك مكانٌ وحيد لن تشعر فيه بكُل هذا البؤس الذي رأيته في أماكنَ أُخرى، هذا المكان ينتمي إلى هذا العالم، لكن كرة القدم عندهم لا تعترف بالهزيمة سوى عند صافرة النهاية، ما دُمت لم تسمع الصافرة، فالعودة موجودةً فقط عليك أن تقاتل.

في مواجهة قديمة أتذكرها في دوري الأبطال، كان توتنهام بعيدًا جدًا عن التأهل، لكن الإنجليز لا يعترفون بهذا، لقد عادوا في النتيجة ووصلوا إلى النهائي آنذاكْ، لم أنسى صراخ المعلق خليل البلوشي عندما قال « هؤلاء الإنجليز سأُجن معهم» لم يكن وحده يشعُر بكل هذا، العالم بأسره أصبح مجنونًا في تلك اللحظة.

في مواجهة قديمة جمعت ميلان وليفربول، تلك المواجهة انتهى شوطها الأول بثلاثية لميلان، لكن الإنجليز لا يعترفون بالهزيمة حتى تنتهي المواجهة، لقد حملوا الذهب في تلك الليلة بعد عودتهم في الشوط الثاني، كانت تلك الليلة أسوأ ليالٍ لميلان في دوري الأبطال، ربما كارلو أنشيلوتي لم ينسى تلك الليلة، وليفربول أيضًا لم تنساها فمن الذي جعلهم هكذا؟!

في إنجلترا ستشاهد أسوأ انظمة تكتيكية تفوز على الأقوى من أندية أخرى في أوروبا، في إيطاليا مثلاً، هناك يبحثون دائمًا عن الشكل الجماعي للفريق تنظيمًا وتطبيقًا للأدوار والتمركز الصحيح، كذلك لن تشاهد الكثير من الكرات العالية على عكس إنجلترا، لكن المواجهات التي يراها الجميع أنها أسهل للإيطاليين تجدها صعبة جدًا لأنهم لن يستطيعوا إيقاف خصومهم دائمًا، إن العشوائية دائمًا ما تكون حلاً لدى الإنجليز، مثلاً قبل فترة في مواجهة فياريال الإسباني ومان يونايتد كان فياريال قد قدم أفضل مواجهاته التكتيكية، حصلوا على معدل كبير في الأهداف المتوقع تسجيلها في مرمى مان يونايتد، لكن الدقائق الأخيرة هي أسوأ ما يراه المرء، خاصةً إن كنت فعلت كل شيء وكان الحظ على عكس ذلك، تلك المواجهة انتهت للمان يونايتد بهدفين لهدف، صاحب الهدف كان كريستيانو رونالدو قبل ان تنتهي المباراة بدقائق.

الفوارق موجودة في كل العصور، لكن العقلية هي التي لن تجدها لدى الجميع، في إيطاليا قديمًا كانوا يفوزون بطريقة الكاتيناتشو أي عليك أن تدافع لتقضي على خصمك بكرة واحدة وربما كرتين في لعبة التحولات، الآن على العكس تمامًا، ليس أمام الجميع يفعلون هذا الأمر، لكنهم تركوا تلك المعصية مثلما يقول الكثير عنها، فهل نحنُ سنترك الغثيان؟! بطبيعة الحال سأخرج عن السياق قليلاً لأقول أننا بعيدون جدًا عنهم، لكننا على الأقل متواجدون هنا فهل نتوقف عن الظهور؟!

كرة القدم بالنسبة لي لعبة للمتعة عدا تلك الفرق التي أنتمي لها كثيرًا كمشجع وعاشق، لكن عند مشاهدة الفرق الأخرى دائمًا أتمنى مشاهدة مباراة ممتعة لا تنتهي أبدًا، لكنك لن تجد مثل هذه المباريات إلا في انجلترا وأحيانًا في إيطاليا واسبانيا، طبعًا الحديث هنا عن الأهداف القاتلة والريمونتادا، أما على الصعيد التكتيكي فإسبانيا وإيطاليا متفوقتان جدًا على أندية في الممتاز انجلترا، مثلاً ليفانتي في إسبانيا ربما سيضحك الكثير عن هذا الفريق بحكم أنه فريق صغير باسمه، لكن النظام التكتيكي الخاص بهم معقد جدًا ويحتاج جودة قوية للفوز عليه وقوة لاعبين لا تتوقف عن إفساد النظام الخاص بهم، هذا الشيء فعله كارلو أنشيلوتي قبل فترة عندما واجههم مع ريال مدريد.

لا أحب تعقيد الأمور كمن يبحث عن شيء يتحدث عنه بجنون ليبني للناس أفكارًا أنهم عاقل جدًا، لكن كرة القدم التي أحبها هكذا، أحبها منظمة بطريقة عشوائية كما كان يفعل المصرفي ماوريسيو ساري مع نابولي..

أنت كقارئ ومتابع للُعبة، أي كرة قدم تُحبها؟!

مقالات ذات صلة