الأغنية الليبية غنية بمفرداتها وموسيقاها وجملها اللحنية ويعود هذا الغنى إلى عدة أسباب أهمها التنوع الثقافي الفريد والذي تتميز به ليبيا عن الكثير من البلدان العربية؛ والذي ساهم فيه بشكل مباشر مساحتها التي تقرب من مليوني كم مربع من حدود مصر شرقاً الى الحدود مع تونس والجزائر غربا الشيء الذي جعلها جسرا طبيعيا للتواصل بين هذين الجناحين المهمين من البلدان العربية بغناهما الثقافي والحضاري أيضاً إضافة إلى عمقها الجغرافي باتجاه القارة السمراء الشيء الذي ساهم في تنوع المناهل الثقافية والفنية التي تزودت منهم الأغنية الليبية حتى وصلت إلى ما وصلت اليه من تنوع الشيء الذي سنتطرق إليه خلال هذه المقالة.
بدأت الاغنية الليبية المعاصرة تجد طريقها للانتشار مع بداية تأسيس الإذاعة الليبية في (عام 1957) وما صاحبها من تقنيات الصوت واستوديوهات التسجيل وبالرغم من أن هناك العديد من الاعمال نفذت على الهواء مباشرة في بداية انطلاق الإذاعة نظراً لعدم فتح استوديوهات التسجيل في البداية إلا أن غالبيتها اعيد تسجيلها لتؤسس للمكتبة الاذاعية الموسيقية الليبية وشكلت مرجعاً مهماً للأجيال اللاحقة للتعرف على غزارة انتاج الاعمال الغنائية المميزة لانطلاقة الاغنية الليبية المعاصرة والتي تميزت بتأثرها بالبيئة المحيطة بها سواء نشأت في طرابلس أو بنغازي أو تلك الأعمال الأمازيغية المميزة أو الفن الشعبي الاصيل في مناطق الجنوب مرزق والجفرة والتي شكلت مناجم غنية لا متناهية لمد الاغنية الليبية بما تحتاجه من ذلك اللون الغني من التراث الليبي.
من أهم مميزات الاغنية الليبية محافظتها على أصالتها مع قدرتها من خلال كتاب ومؤلفين وملحنين ونجوم عددين على مواكبة التطور ومجاراة ذائقة عشاقها التي تتأثر هي الأخرى بمرور الزمن خاصة مع التطور التكنولوجي والانفتاح على العالم..
فبعد الطابع الخاص والمميز للأغنية الليبية "الطرابلسية" والتي سطع نجم نجومها التي عرفت وانتشرت من خلالهم فترة الخمسينات والستينيات أمثال الفنانين سلام قدري؛ محمد الجزيري؛ عبد اللطيف حويل؛ محمد مرشان محمد الكعبازي كاظم نديم ونوري كمال وأيضاً الجيل اللاحق لهم مثل الفنانين خالد سعيد؛ محمد رشيد؛ راسم فخري؛ احمد سامي؛ والفنان محمد حسن الذي ساهم بألحانه إلى تنويع شكل الأغنية الليبية وموسيقاها من خلال ابتكار ألحان جديدة شكلت مزيجاً بين مختلف فنون الألحان من مختلف المناطق الليبية.
كما شهدت بنغازي العديد من المطربين الكبار منذ انطلاقة الراديو الليبي في خمسينيات وستينيات القرن الماضي منهم الفنان محمد صدقي وعلي الشعالية محمود الشريف والأجيال اللاحقة من نجوم امثال الفنان ابراهيم فهمني والفنانة تونس مفتاح أشرف محفوظ عادل عبد المجيد وغيرهم في حاجة إلى مساحة أكبر للتعرف عليهم وعلى أعمالهم المميزة..
ومن أهم محطات تطور الأغنية الليبية وإدماج الآلات النحاسية والغربية بها تجارب وإبداعات صعد بها نجم العديد من الفنانين الذين أصبحوا نجوماً كبار مثل الفنان النجم أحمد فكرون الذي انطلق منذ السبعينات في تقديم فنه المميز الذي وصل به الى العالمية حيث قال عنه فريدريك ميتران مقدم البرنامج الفني الشهير على القناة المرئية الفرنسية الأولى: أنه أول شخصية عربية تجتاح الساحة الفنية الفرنسية وهو أول مطرب عربي يأتي مثل الحلم..
أيضاً وفي نفس الفترة اي فترة بداية السبعينات بدأ نجم فنان ليبي آخر حمل في شنطة "حقيبة" إبداعه رسالة نشر الفن الشبابي الليبي الفنان ناصر المزداوي والذي عبرت أعماله و موسيقاه الحدود والمحيطات في عدة بلدان بينها المكسيك وكوبا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة والبرازيل واليونان، وعدد من البلدان العربية، و عندما نتحدث عن التميز والشهرة والنجومية لابد من التوقف والإشارة الى الفنان الليبي حميد الشاعري الذي تعلم على مدارس الفن الليبي الأصيل والتي شكلت له زاده في فضاء الإبداع والتميز على مستوى الأغنية الليبية والمصرية والعربية بشكل عام...
ولا زالت الأغنية الليبية تحاول إيجاد طريقها للانتشار خاصة أنها ظلمت فترة من الزمن لافتقارها للدعم اللازم الذي حظيت به بعض شقيقاتها من الأغاني العربية رغم أنها لا تقل عنها أبداً جمالاً في الكلام واللحن والمعاني أيضاً الأصوات الجميلة والقوية في كثير من الحالات؛ ولازال النجوم الليبيون من المطربين يحملون على عاتقهم بكل أمانة ومحبة نشر الأغنية الليبية المظلومة والمساعدة على انتشارها ووصولها إلى المتذوق العربي ليتعرف على أسرار سحرها وجمالها منهم الفنان أيمن الأعتر والشاب جيلاني..
وقبل أن تودعكم هذه الأسطر التي حاولنا من خلالها وفي عجالة تسليط بعض الاهتمام على الأغنية الليبية التي ساهمت العديد من العوامل على تأخر انتشارها بما يليق بغناها موضوعاً وكلمة ولحناً وتوزيعاً، قبل ذلك لابد من الإشارة إلى واحدة من أهم مميزات الفن الليبي وهو فن المالوف والموشحات والتي تتميز به مدينة طرابلس العاصمة وبعض المناطق القريبة منها والتي يعتبر من المع نجومها استاذة كبار مثل الراحلين الشيخ قنيص والاستاذ حسن عريبي ؛ المالوف والموشحات الليبي والذي لا يمكن إلا أن يحصل على جائزة الترتيب الأول في كل مسابقة دولية يشارك فيها في منافسات مع فرق دول أخرى تهتم أيض اً بهذا النوع من الفنون ولعلنا في مقالة قادمة نتحدث عن هذا بشكل أكثر تفصيل...
دمتم بسلام..