ثقافة
05.04.22

كيف يحب الليبيون أن يكون مطبخهم في رمضان؟

 

قد تكون وعرة تلك الطريق التي توصلنا إلى قلب الرجل الليبي، ففي هذه الرحلة ستحتاج زاداً كثيرة بأصناف وأشكال من أطباق وأكلات عديدة، بعضها مستوحى من يوميات الحياة الفلاحية الليبية، المتأقلمة مع الطبيعية الصحراوية والجبلية الليبية، بمناخها الحار وظروفها القاسية، وبعضها الآخر من الثروة الحيوانية وتنوعها، ولا ننسى حتى البحرية أيضاً.

فالمائدة الليبية رغم تشابها في المكونات، إلا أنها تنوعت واختلفت في طريقة التحضير وبعض الإضافات، فلكل صنف له حكاية، ومع تحضيره قصة، ورثها كل جيل عن سابقه، وبدوره نقلها لسلفه، ليكون المطبخ الليبي تراث وثقافة، يشبع موروثه بأصالة وتنوع، بين نكهات متوسطية أوروبية امتزجت بالصحراء الإفريقية، ليأخذ المطبخ الليبي ما لذ وطاب من كل تلك الثقافات التي امتزج بها عبر طويلة قرون من الزمن.

ولكن بعضها لم يأت صدفة، كان من رحم معاناة الأجداد الذين كانوا يبحثون عن قوت يومهم، مختصرين علي حياتهم البسيطة، تعقيدات الطبيعة القاسية التي حولهم، فكان المطبخ الليبي يوازن بين الطاقة والصحة، وبين مكوناته التي تكون في المتناول لسد رمقه اليومي من قوته البسيط.

  •  ملامح المطبخ الرمضاني

بدأنا سؤالنا من الطباخين الليبيين في المناسبات الاجتماعية مع الشيف أبومرداس الفرسطائي والذي شرح لنا تفاصيل عن المائدة الرمضانية الليبية: "المطبخ الليبي يعتمد بدرجة كبيرة علي المنتجات القمحية في تزين مائدته، منها البسيسة مع التمر في كسر الصيام، بالإضافة إلى أن بعض المناطق تعتمد على " الروينة" كمشروب مع التمر، وأيضا اللبن المعد منزلياً عن طريق "الشكوة"، للأسف وبدأت في الاندثار تدريجياً."

وأضاف: "يأتي بعدها الفتات والبازين والعصيدة والمكرونة الدويدة والرشدة والبركوكش كأطباق رئيسية في المائدة الرمضانية، وأيضاً الرز المطبوخ مع اللحم والمرق، وما يسمى شعبياً بالرز المرجع، كما أن خبزة التنور لها حضور شعبي كبير جداً".

1 / 3

 كما لا ننسى العصبان، حيث تشتهر ليبيا وقريناتها من دول المغرب الكبير بهذه الأكلة التقليدية في شهر رمضان، باعتبارها تعتمد كليها في طريقة تحضيرها على اللحم، كما أن مراحلها المعقدة في التحضير جعلها شحيحة الظهور في المائدة الليبية في سائر الأيام، وحضوره في شهر رمضان له نكهته الخاصة، بإلاضافة إلى بعض الحلويات مثل الكعك والغريبة والمقروض ولقمة القاضي والدبلة.

 

  • الكوجينة!

وعن تأثر المطبخ الليبي بالفترات الاستعمارية التي مرت بها ليبيا، فقد حلل فرج الدينالي وهو خريج كلية الآداب بجامعة بنغازي: "إن تعاقب الدول على احتلال لليبيا جعلت من المطبخ الليبي مفتوحا على ثقافات هذه الدول المستعمرة، فمثلاً في الحقبة العثمانية كان المطبخ الليبي في تواصل كبير مع المطبخ التركي، الذي أدخل بعض أكلاته التي انسجم معها الليبيون في مائدتهم كالمبطن والبراك والكباب وغيرها، أما في فترة الاحتلال الإيطالي فقد دخلت "للكوجينة الليبية" المكرونة المبكبة والسباقيتي والبيتزا، والعديد من الأكلات الإيطالية".

1 / 3

كما أن علاقة ليبيا بجيرانها قوية جداً في المطبخ، فمن جهة نجد المطبخ المصري وأطباقه كالطعمية والمهلبية حاضراً بقوة في السفرة الرمضانية، وأيضاً المطبخ المغاربي من جهة أخرى لدية إضافة كالطواجن والكمونية.

 

  • حفظ الطعام قديماً

باعتبار أن شهر رمضان يعتبر الأكثر استهلاكاً للطعام، حاول المطبخ الليبي أن يحافظ على طعامه لفترات طويلة، نتيجة لظروف الطقس الحارة والتي لا يحبذها الطعام الطازج، وأيضاً للشح الكبير في بعض المنتجات والمتعلقة بمواسم المطر.

فحاولت المرأة الليبية أن توظف الفخار والسعف والجلد، ليكون حارساً أميناً للأطعمة خلال سنة أو أكثر في الحبوب والفواكة والزيت وغيرها من المصادر الرئيسية للمطبخ الليبي، وأيضاً لفترات أقصر كزاد في رحلات الرعي والزراعة والحج.

حفظ الطعام أيضاً من خلال الطعام نفسه، وهنا نتحدث عن التتبيلات المختلفة المستخدمة في المطبخ الليبي، كلحم القديد ذات النكهة الليبية الخالصة طوال السنة، وهو رمز من التراث الليبي وله حضوره القوي في هذا الشهر.

 

  • المطبخ الليبي تجارياً

عبد الوهاب المنا صاحب تشاركية الطاحونة المنزلية تحدث "لواو ليبيا" عن حركة البيع والشراء للمأكولات الشعبية في شهر رمضان قائلاً: "يتراجع الطلب على الأكلات الشعبية في شهر الصيام في الأكلات الرئيسية كالكسكسي والفتات، لأن الليبيين يعتمدون على مطبخهم لذلك، أما في في الأكلات الغير الرئيسية كالبوريك والبسيسة والحلويات الليبية فيكون لها سوق خاص في شهر رمضان".

وتعتمد العديد من العائلات الليبية على بيع هذه المنتجات في هذا الشهر، كمصدر دخل من خلال تسويقها في المحلات، أو في الأسواق الشعبية.

وأضاف عبد الوهاب: "ولكن الطلب على المنتجات المساعدة كالبهارات والبسيسة والقهوة والهريسة العربية واللوسة يكون كبيراً جداً، ودائماً ما يفضل الليبيون أن تكون هذه المنتجات منزلية التحضير، وذات أسلوب شعبي في التحضير".

1 / 2
  • الشاهى رمز اللمة

"عالة الشاهي" هي من أهم الطقوس العائلية في شهر رمضان، فغالباً ما تكون الجدة في هي المسؤولة عليها، في جلسة عائلية مع الأبناء والأحفاد، أو مع الضيوف، وتكون في الغالب بعد صلاة التراويح.

والطريف في الموضوع أن الشاي قد دخل إلى ليبيا في حقبة الاحتلال التركي، وكانت معظم العائلات الليبية في ذلك القت تعتبره من المحرمات مثله مثل الخمر، حتى في فترة الاحتلال الإيطالي والحقبة الإنجليزية كان مقتصراً فقط على الرجال ومحرماً على النساء والأطفال.

مقالات ذات صلة