هناك الكثير من الأشياء الكبيرة التي تستدعي القلق: من أزمات الحروب، وتكاليف المعيشة، إلى حالة الطوارئ المناخية، فهناك الكثير من الأحداث بشكل يومي ومستمر. في الوقت نفسه، هناك العديد من عوامل التشتيت، سواء كانت من أجهزتنا الإلكترونية، أو ضغوط الحياة اليومية للعمل، أوالحياة الأسرية، مما يخلق ضوضاء كافية لتشتيت انتباهنا بعيدًا عمّا هو مهم حقًا.
يقول فاي إدواردز -مدرب علم النفس الإيجابي ومؤلف كتابThe Little Book of Positivity- يجد الناس صعوبة الآن، أكثر من أيّ وقت مضى، في فهم أولوياتهم وما هو مهم بالنسبة إليهم، لكن اتخاذ الإجراءات والأفعال التي تتماشى مع قيمنا يساهم كثيرًا في رفاهيتنا، ويمكن أن يعزز مستويات الرضا لدينا."
حسنًا، كيف نضبط ضوضاء محيطنا، ومعرفة ما هي قيمنا وأولوياتنا الشخصية، والبدء في اتخاذ إجراءات إيجابية؟ جرب هذه الخطوات وشاهد الفرق الذي يمكنك إحداثه في حياتك.
خصص وقتًا للتفكّر:
الخطوة الأولى نحو إيجاد المعنى هي منح نفسك الوقت للقيام بذلك - مما يعني مقاومة الرغبة في الانشغال بشكل دائم.
يقول إدواردز: "حتى قبل وباء كوفيد، كان يُنظر لفعل أخذ وقت مستقطع على أنه نقطة ضعف. في عصرنا الحالي أصبح إحساسنا بأهمية الذات ينبع من الانشغال، ونميل أيضًا إلى اعتبار وقت فراغنا وكأنه شيء نحتاجه لتحقيق أقصى استفادة منه - فنحن تقريبًا نرى هواياتنا على أنها مسعى آخر لتحقيق الإنجاز. بالإضافة إلى ذلك، بفضل الأجهزة الإلكترونية، أصبح العالم قرية صغيرة، لذا بدلًا من البحث داخل أنفسنا للحصول على إجابات، فإننا ننظر فقط إلى هواتفنا ".
إن تخصيص وقت كل يوم للتفكّر هو فعل أسهل مما تعتقد - فبدلًا من قضاء وقتك في الحمام في التحديق بهاتفك، وهو ما يفعله أغلبنا، فكّر بالتخلي عن هاتفك، واستخدام هذا الوقت للسماح لأفكارك بالتجوّل في دماغك بدلًا من ذلك.
مارس الامتنان:
إن أفضل طريقة لمنح نفسك مساحة للتفكير هي تجربة تمارين الامتنان اليومية - والتي يمكن أن تساعدك أيضًا على تحديد قيمك الأساسية.
يقول إدواردز: "في الصباح، اكتب ثلاثة أشياء تشعر بالامتنان من أجلها، وفي المساء ثلاثة أشياء لطيفة حدثت في نفس اليوم. من خلال القيام بهذه التمارين، تكتشف أشياء عن نفسك لم تكن تعلم بوجودها. قد تفكّر: "أنا ممتن للطبيعة والأشجار، ولغناء العصافير - لكنني لم أدرك أن هذه الأشياء كانت مهمة بالنسبة لي".
بمجرد تحديد ما أنت ممتن له، يمكنك البدء في التفكير في كيفية العمل من أجل عالم به المزيد من هذه التفاصيل - لذلك، إذا كانت الطبيعة شيئًا تهتم به حقًا، يمكنك البدء في اتخاذ خطوات نحو حمايتها، أو العمل على قضاء مزيدًا من الوقت حولها بدلًا من الأجهزة الإلكترونية.
جرب التفكّر بالآخرة:
ربما تساءلت عن الطريقة التي تريد أن يتذكرها الناس بك - ولكن هل سبق لك أن تمعّنت حقًا فيما تريد إرثك أن يكون، واتخذت خطوات للتأكد من حدوث ذلك؟
يقول إدواردز: "لتحقيق ذلك، اجلس وأغلق عينيك وضع قدميك على الأرض وضع يديك في حضنك. ثم تخيل هذا السيناريو: أنت في جنازتك، والجميع هناك. ماذا تريد ذكراك أن تكون؟ ما الكلمات التي تريد أن يستخدمها الناس لوصفك؟ ماذا تريد أن يكون إرثك، إن وُجِد؟ "
بمجرد أن تعرف ماذا تحبّذ أن يكون أثرك في محيطك، يمكنك البدء في التفكير في كيفية تحويل ذلك إلى حقيقة - سواء كان ذلك من خلال دعم مجتمعك المحلي، أو التطوّع مع المؤسسات الخيرية، أو التركيز على جانب الإبداع الشخصي.
يضيف إدواردز: "عندما يقوم الناس بهذا التمرين، لا يجول بخاطرهم أن يتذكرهم الناس بممتلكاتهم المادية مثل منزل كبير وسيارة جميلة. إنه تمرين رائع يساعدنا في معرفة ما يهمنا حقًا."
ضع حدود في علاقاتك الاجتماعية:
في سبيل السعي لأولوياتك وما هم مهم بالنسبة لك، فإن إنشاء حدود صارمة يساعدك على البقاء على المسار الصحيح، ومنع الضوضاء الخارجية من التسلل مرة أخرى إلى حياتك.
يقول إدواردز: " تعتبر الكثير من الثقافات أن أحد واجبات المرء هو إرضاء الناس كشيء أساسيّ، والعيش في سبيل الحظي بمباركتهم لأسلوب حياتهم. وتعتبر قول كلمة "لا" على أنها وقاحة، ولكن هذه هي الطريقة التي تودي بنا إلى المساومة على قيمنا - لأننا لا نريد أن نظهر بشكل وقح للآخرين. بشكل عام نحتاج إلى فهم أنه عندما نقول "لا" للأشياء التي لا نريد القيام بها، نحصل على مزيد من الاحترام من محيطنا، لأنهم يرون أننا ندافع عن أولوياتنا ونمنح الوقت للأشياء التي تهمنا حقًا".
لذا، إذا واجهت مقاومة عندما يتعلق الأمر بهذه العادة الجديدة، فحاول قدر الإمكان ألّا تشعر بالسوء إذا كان عليك قول "لا".
*هذه المادة مترجمة عن مقال نُشر في صحيفة الغارديان.