خرائط الشارع المفتوحة: مبادرة دولية ومشاركة ليبية فعّالة
تعتبر مبادرة خرائط الشارع المفتوحة (OSM-Open Street Map) مبادرة دولية شهيرة ومشروع تعاوني يهدف إلى إنشاء خرائط منشورة برخصة حرة. فتُرسم الخرائط عن طريق جمع البيانات الجغرافية بالمسح الأرضي باستخدام مستقبلات نظام التموضع العالمي المحمولة (GPS)، وكذلك بالاستعانة بمصادر حرة أخرى، ويمكن للمستخدمين تحرير المسارات والطرق وتحديثها من خلال وسائل التحرير المتاحة.
بدأ ستيف كوست المشروع سنة 2004 في بريطانيا مستلهمًا تجربة ويكيبيديا وسيادة الخرائط المنشورة بتراخيص مغلقة في بريطانيا وغيرها. منذ ذلك الحين نمى عدد المستخدمين المسجلين إلى أكثر من مليون يجمعون البيانات باستخدام GPS والصور الجوية ومصادر أخرى.
الخرائط التي ينتجها المشروع منشورة برخصة قواعد البيانات المفتوحة، وتشرف مؤسسة خرائط الشارع المفتوحة على الموقع الذي يجري من خلاله تنسيق العمل، وهي مؤسسة غير هادفة للربح مسجلّة في إنجلترا، كما أنها تعدّ مصدرًا رئيسيًا لبيانات مستقبلات GPS. تتميز بجودة تلك البيانات وأحيانًا تفوق مثيلاتها من المصادر التجارية، غير أن جودة البيانات في المشروع تتفاوت من مكان جغرافي لآخر في العالم، حسب نشاط المجتمع العامل عليه، والمهارة الإجمالية لأفراده وثقافتهم.
منذ سنة 2007 يُعقد سنويًا مؤتمر دولي بعنوان State of the Map يحضره المهتمون بالمشروع وبالخرائط وبالبيانات الحرّة. وانضمت ليبيا للمشروع عبر فريق عمل يعمل في عدةّ مدن ليبيا وهي: طرابلس وسرت وبنغازي وصبراتة وقصر بن غشير، ويستمر توسعه إلى باقي المدن الليبية من خلال فرق عمل متطوعة لديها الرغبة بالمساهمة في الرقمنة المكانية للخريطة الليبية وبشكل غير ربحي.
انطلق العمل منذ فترة طويلة ونسبة الإنجاز فيه جيدة جدًا، ويعمل فريق ليبيا بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة لرسم الخرائط (UN Mapper)، والتي تعمل على دعم السلام والعمل الإنساني من خلال النمذجة المكانية ورقمنتها.
يعرف نفسه فريق الخرائط المفتوحة في ليبيا على أنه مجتمع محلي تطوعي يعمل على بناء وتحديث خريطة ليبيا، ويضع رؤية توثيق وحماية الهوية الرقمية للأراضي الليبية، وبناء قواعد بيانات وخرائط حديثة ومحدثة للمساعدة في بناء بنية تحتية رقمية رباعية الأبعاد موثوقة وفقًا للمعايير الدولية. كما يهدف إلى استخدام التكنولوجيا لخدمة المجتمع، والدعوة إلى تبادل البيانات والمساهمة في بناء وحماية البنية التحتية الرقمية المحلية، كما يهدف إلى المساعدة في الاستجابة السريعة في حالات الأزمات والكوارث الطبيعية والتعاون مع المجتمعات المحلية والدولية.
أقيم في ليبيا العديد من ورش العمل الواقعية والافتراضية لتدريب المتطوعين على كيفية رسم الخرائط والمشاركة في تسجيل شوارعهم ومدنهم على أيدي خبراء ومختصين دوليين، كما تم إقامة العديد من المبادرات المحلية منها:
مؤتمر حالة خريطة ليبيا في البريقة عام 2020.
مؤتمر حالة خريطة ليبيا لعام 2021 وهو المؤتمر العلمي الدولي السنوي في نسخته الثانية حول حالة الخريطة الرقمية الليبية، والذي تنظمه جامعة سبها وخريطة الشارع المفتوحة بليبيا، بترخيص من المنظمة العالمية لخريطة الشارع المفتوحة.
مبادرة ارسم شجرة بغرض رسم خرائط الغطاء النباتي في ليبيا.
حيث تم تنظيم النسخة الأولى من المؤتمر في ديسمبر 2020 بالمشاركة مع جامعة النجم الساطع بالبريقة، تحت وسم حالة الخريطة ليبيا 2020 والمدن الذكية، وحقق المؤتمر نجاحًا مهمًا على المستوى المحلي والعالمي.
أتت هذه النسخة تحت وسم مؤتمر حالة الخريطة ليبيا 2021 حول الذكاء المكاني ودوره في دعم التحول الرقمي والمدن الذكية، وينظم المؤتمر ضمن مسارين استراتيجيين، وهما: المسار التوعوي والمسار البحثي.
ومن ضمن الخطط المستقبلية التي يسعى إليها الفريق هي انتشار المشروع في كل الخريطة الليبية وتسجيل كل المدن والشوارع والأبنية وتأسيس بنية تحتية مكانية رقمية كاملة، كما طلبت ليبيا من المنظمة العالمية لخرائط الشارع المفتوحة بإستضافة مؤتمر حالة خريطة إفريقيا لعام 2023.
ويستطيع كل من لديه رغبة للإنضمام إلى الفريق أن ينضم وذلك من خلال الموقع الرسمي للمبادرة في ليبيا، أو عن طريق مراسلتهم عبر الصفحات الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي مثل: صفحة الفيسبوك.
مقالات ذات صلة
