صحة
30.06.21

الموسيقى: متعة للأذن وعلاج للبدن!

دائما ما أدهشتني هذه الحياة، ومن يعيش عليها، معجزات وجمال حقيقي يريني جمال الله في أرضه، تركيبه الإنسان الفريدة، وفرط إحساسه بكل شيء حوله، معجزة الأحاسيس والمشاعر، وحدها كافية لتذيب أشرح وأقسى القلوب، ورغم تمييز الله للإنسان عن كافة المخلوقات، إلا أنه أكرم جميع من خلق بهبة المشاعر والأحاسيس.

الموسيقى...هبة أخرى أهداها الله لخلقه، موهبة يمتاز في صنعها بعض الأشخاص، لتدخل البيوت والقلوب، وتدهش العالم بفوائدها.
على مدى القرون ومنذ بداية الوجود، كانت الفنون حاضرة، على اختلافها وتطورها مع الوقت، فإن حضورها ثابت. من حضارة الأندلس، والحضارة الفرعونية، إلى بيتهوفين وموزارت وغيرهم، نجح الإنسان في ابتكار مقطوعات موسيقية غيرت حياة الملايين، هنالك سر ما في تلك النوتات المعزوفة بشكل رشيق، يدخل في خلايا الإنسان ويهزها، ليجعل كل شيء بخير.

ما أدهشني حقاً، دراسات عدة كنت قد قرأتها في السنوات الأخيرة، تقول إن للموسيٍقى أثر كبير على صحة الفرد، بل أنها ساهمت في علاج عدد كبير من الأمراض، إلى درجة فتح عيادات ومستشفيات خاصة للعلاج بالموسيٍقى، والتي تحتضن مرضى من مختلف التشخيصات، من الأمراض النفسية والعقلية، إلى الأمراض الجسدية، إذ أكدت بعض الدراسات دور الموسيقى في تحسين حالة مرضى السرطان وتخفيف آلامهم.

فما هو حقا العلاج بالموسيقى؟

في النوع من العلاج يستخدم الأطباء الموسيقى كوسيلة للشفاء أو تخفيف الآلام، ويقول الأطباء إن الموسيقى تسمح للمريض بالتخلص من الطاقة السلبية والإفصاح عما بداخله، كما يتحول إيقاع الموسيقى إلى أداة تعزز الجانب الإبداعي للمريض.

يقول صديقي الدكتور في علم النفس محمد العصيمي إن بعض المستشفيات تستخدم الموسيقى كوسيلة لتطوير الذات وزيادة الحس الإدراكي والقدرة على التركيز.

العلاج بالموسيقى يسرّع فترة الشفاء

يقول العصيمي إن طرق العلاج بالموسيقى عديدة، ومازالت الدراسات قائمة لمعرفة مدى مساهمة هذه التأثيرات بصفة خاصة في علاج المريض ولأي مرض تحديداً، ومع ذلك، قدمت لنا الدراسات العلمية في السنوات الماضية نتائج رائعة حول فوائد الموسيقى على الصحة.

تأثير الموسيٍقى على المزاج:
أعتقد أنها من أكثر الفوائد شيوعا ووضوحا، وأكد الدراسات على أن العلاج بالموسيقى من شأنه أن ساعد على تحسين الحالة النفسية للشخص، وأكد المختصون أن العلاج بالموسيقى يمكن أن يحد من اضطرابات المزاج الناتجة عن عمليات زراعة الخلايا الجذعية الذاتية.

تخفيف القلق:
للموسيقى تأثير فسيولوجي كبير، إلى درجة تمكن الموسيقى الهادئة من تقليل الشعور بالألم والقلق، وهذا تفسير علمي بحت.
يقول الأطباء إن الموسيقى تساهم في تخفيض مستوى هرمون الكورتيزول وهو هرمون يرتفع عند شعور الإنسان بالقلق.
وليس هذا فحسب، بل تطلق الموسيقى هرمون الإندورفين الذي له فوائد مسكنة ومبهجة، كما أظهرت النتائج فعالية العلاج بالموسيٍقى في الحد من آلام أسفل الظهر ومشاكل أخرى تتعلق بالتنفس أو مشاكل القلب.

أثرها على حياة المصابين بالفصام:
في عام 2005 نشرت دراسة صادمة تعتبر من أهم دراسات العلاج بالموسيقى، إذ قال العلماء فيها، إن العلاج بالموسيٍقى يساعد على تحسين المزاج العام والصحة العقلية للأشخاص المصابين بالفصام.
مثلا، كشفت النتائج السريرية انخفاضا في حالة العزلة الاجتماعية وازدياد الاهتمام بالحياة الخارجية والتفاعل مع الأشخاص لدى المصابين بهذا المرض.

الحد من بعض أعراض مرض التوحد:
للموسيقى نتائج إيجابية على أطفال ومراهقين يخضعون للعلاج من مرض التوحد، ومن بين هذه النتائج، تحسن النطق، وحركة الجسم، وتطوير القدرة على الانتباه، واللعب، وقدرات العناية الشخصية.

تحسين النوم:
للموسيقى الهادئة، فوائد لتحسين حالات اضطرابات النوم وتسهيله، وأكد العلماء، على أن الاستماع للموسيقى الهادئة سواء كانت عبر الآلات أو عبر الغناء، يقلل من الاستيقاظ ليلا، ويحسن النوم.

المساهمة في تطوير ونمو الأطفال:
قال الأطباء في مركز البحوث الألماني، إن الموسيقى ساعدت على تهدئة الأطفال حديثي الولادة، أو الأطفال الذين ولدوا قبل أوانهم، كما أكدوا أن الموسيقى ساعدت في تحفيز مدارك الأطفال اللغوية، وزيادة وزنهم والحد من الإجهاد.

تخفيف أعراض الخرف والهذيان:
من أهم الدراسات التي عملت عليها أثناء عملي في الصحافة، هي تأثير الموسيقى على الخرف، حيث أعلن العلماء عن نتائج إيجابية لهذا العلاج، منها تحسين المهارات الاجتماعية والحالة العاطفية، وتراجع مستوى الاضطرابات السلوكية كالعدوانية والهيجان.

مرضى باركنسون والعلاج بالموسيقى:
بعض المستشفيات الخاصة في سويسرا ودول أوروبا، يلجئون للموسيقي مع العلاج الفيزيائي، لعلاج المصابين بمرض باركنسون، وبالفعل في السنوات الماضية، سجل تحسن في طريقة ورتم المشي لدى بعض المرضى بعد التعرض للعلاج بالموسيقى، كما خففت الموسيقى أعراض الاكتئاب لدى المرضى، وسهلت العديد من حالات الولادة.

لله في خلقه شؤون ومعجزات، وأعتقد أن الموسيقى هي واحدة من هذه المعجزات، التي مهما حدثنا العلم عنها لا نستطيع فهمها أو تحليلها، هي فقط نوتات وألحان جميلة تدخل في مجالنا الجسدي لتصنع العجائب. أنهي هذا المقال وأنا أستمع إلى مقطوعتي المفضلة لبيتهوفن، موون لايت سوناتا، والتي أخدتني في رحلة معها، من الصعب بعدها أن أعود للواقع.

Beethoven - Moonlight Sonata (FULL)

أتمنى لكم استماعاً طيباً لمعزوفة ما.



مقالات ذات صلة