صحة
27.09.20

في زمن الكورونا: العرس والعزاء وخزعبلات أخرى


معظم حالات كورنا المتزايدة حاليا تأتي من الأعراس والتعزية، عادات وتقاليد قديمة لبست عباء الدين، ولكن الحقيقة بدون عباءة هي أن هذه الأعراس والعادات منتجات العادة والتقليد والعرف مدعومة من منظمة "البداوة في العقول".

عندما يصبح تعزية المتوفي واجباً اجتماعياً من باب " نخلي الناس يقولوا عليا ما جيتش" وليس من باب أن الموضوع واجب كفاية تكون النتيجة محسومة سلفاً. وعندما يصبح العريس مرغماً على دعوة الناس من باب "يقولوا عليا قفاص" تصبح النتيجة محسومة سلفاً. وعندما يلبّي المعزوم من باب "معقولة تفوتني اللحمة"، عندها تصبح النتيجة 3 للعادات و0 للإسلام، كل هذه الأبواب تقود لِجنّة العادات والتقاليد، جنّة عرضها الجهل والجاهلون.

النتيجة في مثل هذه الخزعبلات تكون محسومة سلفا لصالح العادات والتقاليد المسلّحة ب "كلام الناس"، نتيجة لا تكون دائماً في صالح من يتبعها. إن شرعنا اختطفته عاداتنا وتقاليدنا، فتحت شرع البداوة يصبح البقاء للبداوة.

إن التخلص من هذه البدوية الفكرية يحررنا من سطوة عاداتنا وتقاليدنا وعصا أجدادنا غير السحرية ومن تقليدهم كأننا مسحورين. ولكن؛ عوامل هذا التحرر ليست عصا سحرية أيضاً، فإن ريعنا البترولي أحد أهم أسباب البداوة في شكلها القبلي وقبحها الفكري، فلا العراق ولا دول الخليج ولا ليبيا تخلصت من بداوتها ومن عاداتها وتقاليدها.

أيضاً، إن كراكيب المجتمع المحافظ بثالوث القبيلة والغنيمة والغلبة لا تحرر منه إلا بالتعليم، ولكن ليس التعليم المسطح الذي نعرفه جميعاً. إن نوع التعليم الذي نحتاجه هنا لا يجب أن يقوم على زيادة معلومات أطفالنا، ولا بتعليمهم منهج مستورد، ولا بكفاءة أستاذ همّه راتبه. كل هذا الجهل لا يُعالج إلا بتفريغ عقول أجيالنا من خزعبلات أجدادهم وتاريخنا المملوء بالثقوب.

إننا شعب لا يملك رؤوساً فارغة بقدر ما يملك رؤوساً مملوءة بمفاهيم خاطئة وخزعبلات وخرافات الماضي ورؤية طفولية بائسة للمستقبل، إن تعليمنا يجب أن يعالج خرافتنا، ثم يملأ عقول أطفالنا نور. فمن هنا، يترعرع جيل بأفكار متنورة تنعكس على الواقع البائس، فمتى تغيرت أفكارنا، تغير واقعنا.

ختاماً، إن بؤسنا ليس مؤامرة خارجية، بل مفاهيم خاطئة داخلية وخزعبلات طفولية على هامش الفكر الإنساني، وتزال سعادة الإنسان مرتبطة بأفكاره التي تنعكس على واقعه الملموس وتقيسه بالشبر.

مقالات ذات صلة