PTSD أو اضطراب ما بعد الصدمة النفسية وهو ينتج عن التعرّض لحدث موجز ولكنّه مدمّر أو مفجع (الحرب، الاغتصاب، حادث أو هجوم ارهابي) Complex PTSD أو اضطراب ما بعد الصدمة النفسية المركّب ينتج عن التعرّض لحدث مفجع ولكن على فترة طويلة من الزمن، عادة ما تكون السنين الخمسة عشر الأولى من العمر (الإهمال العاطفي، الإهانة، التنمّر، العنف، الغضب، خلل في أسلوب التعلّق بالأهل).
يعاني الكثير منا (20% من الناس) من اضطراب ما بعد الصدمة المركّب complex PTSD دون أن ندري. نعلم فقط أن لدينا مشكلة ما ولكن لا نعرف أن نحدد ما هي المشكلة أو كيف نطلب المساعدة. تشير الكثير من الدراسات أن هناك 12 عارضاً أساسياً لاضطراب ما بعد الصدمة النفسية المركّب وإذا أحصيتم 7 منها لديكم فتلك دلالة تحذيرية ولا بد من أخذ الموضوع بجدية.
الأعراض هي:
1- الشعور بعدم الأمان أينما كنّا (شعور دائم وملحّ بأن أمراً سيئاً سيحدث).
2- عدم التمكّن من الاسترخاء (الجسد بحالة توتّر دائم).
3- عدم التمكّن من النوم براحة اضافة إلى الاستيقاظ باكراً جداً بحالة من التأهّب والشعور بالخطر.
4- نظرة دونية للذات أو حالة كراهية للنفس (النظر لأنفسنا بأننا بشعين، متوحشين، منفّرين، أشخاص سيئين وربما أسوأ أشخاص في العالم. إضافة للشعور بأن جنسانيتنا مقرفة أو مثيرة للشعور بالعيب).
5- الانجذاب لأشخاص غير متوفّرين عاطفياً (لا يبادلوننا الشعور بالحب) والابتعاد عن الأشخاص الذين يحبوننا أو حتى كراهيتهم ووصفهم بالمزعجين. بينما نخصص مساحة كبيرة للأشخاص الذين لا يريدون مننا الحب والدفء وقد يكونون يعانون هم أنفسهم من مشاكل حول تجنّب الأشخاص المحبّين.
6- الشعور بالاشمئزاز من الأشخاص الذين يريدون القرب مننا ونطلق عليهم تسميات مثل نزقين أو مقرفين أو يائسين.
7- الغضب السريع تجاه الآخرين ومعظم الوقت الغضب تجاه أنفسنا. لكن الغضب هو أكثر دلالة على القلق الشديد والشعور بأن كل شيء سيصبح خراباً قريباً. نصرخ لأننا نشعر بالرعب. تبدو على ملامحنا القسوة ولكننا في الحقيقة مغلوب على أمرنا.
8- درجة شديدة من البارانويا (التشكيك بنوايا من حولنا أو اساءة الظن بهم) ليس بالضرورة أن نظن بأن الآخرين سيقومون بتسميمنا ولكننا نتوقع دوماً أنهم سيتعاملون معنا بإساءة أو عدائية وسيقومون بكل ما لديهم لتدميرنا وإهانتنا. ويتمثّل هذا بدرجة كبيرة في عالم السوشال ميديا حيث قد يبدو تعليق سلبي واحد وكأنما العالم كله يواجهنا بسلبية.
9- نجد الآخرين خطرين ومثيرين للقلق لدرجة تفضيل العزلة. قد نفضّل أن نعيش تحت صخرة للأبد. وفي بعض الأحيان قد نشعر بأن عدم رؤية الناس نهائيا هو نعمة.
10- نجد أن الحياة هي أمر مرهق وغير ممتع لدرجة أن نتمنى لو أننا غير موجودين. (ليس بالضرورة الرغبة بالانتحار).
11- نفتقد للعفوية وننغمس بالروتين الشديد والتنظيم كمحاولة لتجنّب الفوضى العارمة. قد نصبح مهووسين بالنظافة. أي تغيير مفاجئ في الخطط قد يبدو لدينا كالفشل الذي نخافه.
12- في سعينا للشعور بالأمان، قد ننهمك بالعمل ونصبح مهتمين بتجميع المال، الشهرة، الشرف، المقام الاجتماعي العالي. ولكن هذا لا ينجح لأن الشعور بالخطر والنفور من النفس مصدره مكان في أعماقنا ولذلك لا يمكننا الوصول للاحساس بالأمان من مصادر خارجية. وحتى لو كان هناك م ليون شخص يقومون بتشجيعنا، إنما انتقاد واحد يكفي لإعادة اثارة الشعور بالاشمئزاز من أنفسنا الذي لم نحاول معالجته داخلياً. الاستراحة من العمل، التقاعد أو الإجازات تخلق لدينا مصاعب فريدة.
هذه هي الأعراض ولكن ما هو علاج أعراض اضطراب ما بعد الصدمة المركّب؟ أولا علينا أن ندرك بأننا تعرَضنا لأمر فظيع لم نقم بهضمه جيداً حتى الآن، لأننا لم نحظى ببيئة لطيفة وحنونة تمكننا من ذلك. ونشعر بالاضطراب لأن الوضع في زمن مضى كان سيئاً جداً. عندما كنا صغارا قد يكون أحدهم جعلنا نشعر بعدم الأمان وحتى إن كان ذلك الشخص هو والدنا/والدتنا. ربما جعلوننا نشعر بأننا غير مقبولين. وتحت مسمّى "الشجاعة" اضطررنا لتحمّل انفصالات عصيبة ربما تكررت عبر السنوات. لم يقم أحد بطمأنتنا حول قيمتنا أو تقديرنا. كنا نتعرّض لإصدار أحكام مجحفة غير قابلة للتحمّل. قد يكون الضرر حينها واضح للعيان ولكنه كان يتكشّف في ظروف بريئة موضوعياً. قد لا يلحظ زائر للعائلة أن هناك مشكلة، ولربما يكون المتفق عليه حتى اليوم هو أننا كنا أفراد من عائلة سعيدة.
من أهم اكتشافات البحوث حول اضطراب ما بعد الصدمة المركّب هو أن الإهمال العاطفي ضمن عائلة ظاهرياً ناجحة قد يكون مدمّراً بنفس درجة العنف المباشر في عائلات ظاهريا تفتقد للنجاح.
في حال شعرنا بإنذار تجاه هذه المعطيات، علينا التوقف عن ادعاء الشجاعة وأن نسمح لأنفسنا بالشعور بالتعاطف مع من كنّا. قد لا يكون هذا أمراً سهلاً تبعاً لدرجة شعورنا بالقسوة تجاه أنفسنا الخطوة التالية هي إيجاد معالج نفسي أو مستشار عائلي متمرّس في مجال التعامل مع اضطراب ما بعد الصدمة النفسية المركّب ما يعني أن يكون شخصا مختصّاً في معالجة الصدمة النفسية وهذا يشمل توجيه كميات هائلة من التعاطف مع الطفل الذي كنّاه في سبيل بناء الشجاعة لمواجهة هذه الصدمة وإدراك أثرها على حياتنا.
بشكل مؤثر وببساطة، السبب الجذري لاضطراب ما بعد الصدمة النفسية المركّب هو غياب الحب. وعليه، فالعلاج منه يتبع المسار ذاته: علينا أن نتعلّم أن نحبّ من نكره بشكل ظالم يفوق كل المقاييس، يعني أن نحب أنفسنا .
*هذا المقال عبارة عن ترجمات لأبحاث ودراسات، وليس بديلاً بأي حال عن استشارة خبير نفسي متخصص. في حال تشابه الأعراض مع تجربتكـ، رجاء مراجعة الطبيب النفسي.