ثقافة
05.05.22

على المائدة الرمضانية

مشاهدة المسلسلات في شهر رمضان أصبحت عادة لا يستغنى عنها بفضل ما تقدم من مشاركة لكل أفراد العائلة في نشاط ما، أو لخلق مساحات حوارية بين الأصدقاء في التجمعات الرمضانية.

عندما يبدأ الحديث عن أشهر رمضان في الطفولة والمراهقة مثلاً ستذكر لا محالة اسم مسلسل أو اثنين. هذا الارتباط الوثيق بين كل هذا المسلسلات وبين ما عشنا وما نعيش حتى الآن رغم مرور السنوات يجعل أهمية وجودها كل رمضان غير قابل للنكران.

-       المواضيع المطروحة:

تتنوع المواضيع المطروحة بين سياسية واجتماعية والكوميدية وتاريخية وغيرها، يلاحظ بشكل جليّ أن أكثر من ينتج المسلسلات السياسية الدول التي تعاني من اضطرابات سياسية، رغم أنها قد تشبعت من الحديث عن السياسة في أيامها العادية، إلا أنها لا زالت تتحدث عنها في إنتاجاتها، مع اختيار نادر للكوميديا كنوع من التخفيف عن عاتق المشاهد بفواصل كوميدية تعاني مؤخراً من الركاكة.

أما عن الدراما الاجتماعية، فتختار هذا المسلك الدول المستقرة نوعاً ما على الصعيد السياسي فتتجه لمعالجة مشاكلها الاجتماعية. تلاحظ من خلال الساحة الرمضانية بسهولة ما حال كل دولة. وبالحديث عن الاختيارات التاريخية فما هي إلا حالة نادرة الحدوث تكاد لا تشاهد. أما بالنسبة للخيال العلمي، لربما تم تناوله مرتين، ورغم أنها كانت تجارب خجولة، إلا أنها لاقت إعجاب شريحة كبيرة من الجمهور .

  • دول الإنتاج:

مصر من أكثر الدول المنتجة حالياً للمسلسلات الرمضانية. فميزة السوق المصري الطاغية أنه منتج مستهلك، بمعنى أنه لا يوجد مشروع مسلسل ينتج ولن يجد من يشاهده، فغزارة الإنتاج تناسب ضخامة الجمهور.

في مرحلة ما كان الإنتاج السوري-بسبب جودته- هو الأكثر إعجاباً عند المشاهد العربي عامة، ولكن بسبب ما تمر به سوريا تراجع الإنتاج كثيراً، فشاهدنا تعاونات لبنانية، ولكن حقيقة لم تكن بمثل جودة الإنتاج السوري الخالص، وهنا من العادل القول أن هذه التعاونات هي التي أتاحت للإنتاج اللبناني أن يخرج للنور، وهذا مجرد رأي شخصي ربما لن توافقني عليه.

أما عن الإنتاج الخليجي، ربما منذ بدايته محافظ على مكانته المتوسطة في أغلبها، وهذا يرجع لتكرارهم نفس تجاربهم وعدم المخاطرة إلا في حالات نادرة.

  • النقد:

ينقسم النقاد كل عام لقسمين نقاد للإنتاج، ونقاد لسياسة الدول الرقابية:

1-     النقد للإنتاج

النقد للإنتاج يتلخص في النقد لكيفية طرح المواضيع، فمثلاً يتجه الكثير لنقد تناول المواضيع الاجتماعية ومعالجتها معالجة تميل للمثالية غير القابلة للتطبيق على أرض الواقع، ونقل رواسب مجتمعية وتقديمها في بعض الأحيان على أنها الحل، في حين يسعى الجميع الآن لتغييرها لصنع بيئة أفضل.

لا يعجبهم في كثير من الأحيان أيضاً تناول مواضيع جريئة، في حين أن الجميع يعلم أنها تحدث حولهم كل يوم، لكن يفضلون إنكارها على أن تعرض أمامهم على شاشات بيوتهم. كمثال آخر على نقد ما ينتج، تتهم الكثير من المسلسلات التاريخية بمحاولة تزوير التاريخ وهنا يجب أن نسأل: هل يوجد تاريخ غير محرّف من الأساس؟

أترك لك الإجابة صديقي القارئ.

2-    نقد لسياسة الدول الرقابية

عادة ما نشهد معارك صغيرة هنا وهناك بين الشركات المنتجة والمؤسسات الرقابية قبل كل عرض رمضاني على نوع المواضيع بشكل رئيسي، وأحياناً على مشاهد معينة، رغم أن الحل بسيط وبدأت بعض القنوات بالفعل بتطبيقه، ألا وهو تحديد المستوى العمري لكل مسلسل قبل العرض، ولكن يبدو أن هذا الجدال السنوي أصبح عادة يجب حفظها وإعادتها كل سنة.

يتحدث البعض على أنه هذه الجهات الرقابية وظيفتها الرئيسية هي تحجيم الحرية الفكرية بما يتناسب مع سياساتهم. هنا يجب التذكير بان النقد وظيفته الرئيسية هو السعي لتطوير ما يوجد لديك، ولكنه في أحيان كثيرة هنا يتخذ منحنى الهجوم والتدمير بشكل صريح.

-       الخاتمة:

 وجود هذه المسلسلات كل عام مهم وممتع قدم ويقدم لنا الكثير، علاقتنا معها صعبة التفكك لما تحمله من مشاعر وذكريات لن تمحى من أذهاننا. تسببت بالكثير من الضحكات العائلية الدافئة وأبكتنا أحياناً، اغلبنا يشاهدها لأنها ارتبطت بالكثير من أيامنا الجميلة، ونسعى لصنع أخرى معها في مقبل السنوات.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة