للعائلات فقط

"للعائلات فقط": وكأنها لافتة لا تنفصل عن المكان العام في ليبيا، عبارة تستفز كل شاب ليبي مدرك معناها الحقيقي وتأثيرها على واقعه اليومي.

تطارد لافتات "للعائلات فقط" الشاب الليبي في كل زاوية يلتفت اليها، كإصبع موجه نحوه يتهمه بذنب كونه شاب، يعتصره خارج الفضاء العام، ليشعره بالنبذ من المقاهي والمطاعم والمصايف والشواطئ والحدائق بل وحتى إيجار الشقق الخاصة وكأنه خطر ومزعج لشركائه في المجتمع.

ولكن ما هو المنطق وراء هذه المساحات المخصصة للعائلات فقط؟ وهل هناك بدائل للشباب؟

هذا المصطلح والمفهوم ليس شائعاً في ليبيا فحسب بل هو جزء لا ينفصل عن الكثير من المجتمعات المحافظة والتي تحرص على عزل الجنسين وعدم اختلاطهما. فمنذ تفتح القطاع التجاري في ليبيا وتزايد النشاط التجاري الخاص، حرص أصحاب المقاهي والمطاعم الخاصة على خلق بيئة مريحة وأمنة للعائلات والإناث، فتترجم لغير مسموح للشاب الأعزب. وبذلك باتت أغلب أماكن الترفيه مغلقة في وجوه الشباب لتحدّ من فرصته للترفيه عن نفسه في بلد تنقصه مساحات عامة ووسائل ترفيه بشكل عام.

مما يأخذنا لطرح السؤال الأساسي، ألا وهو شح مساحاتنا العامة ووسائل الترفيه في مجتمعنا، فمساحاتنا العامة هي في الواقع مؤسسات يديرها القطاع الخاص تحركها دوافع اقتصادية وليس الحاجة الى معالجة قضية اجتماعية، مما يخلق مشكلة مجتمعية كبيرة ببلد يشكّل شبابه شريحة كبيرة من مجتمعه، وبذلك يتعين على كل من رجال ونساء وشباب وأطفال التفاوض بشكل مستمر لإرضاء احتياجاته والمشاركة في استخدام الأماكن العامة.

فبظل متاهة الشباب في البحث عن مكان يرحب بهم ويوفر لهم مساحة لتوجيه طاقتهم، لا ينبغي أن نتفاجأ بالأعداد الهائلة التي حضرت وشاركت في احتفالات الذكرى العاشرة للثورة "ليغير بها الشعب جوه".

وفي الختام، يقع الحل والمسؤولية على عاتق البلديات والحكومة لمراعاة احتياجات جميع فئات المجتمع من شباب وأطفال وذوي احتياجات خاصة في توفير مساحات مناسبة لن يطرأ لخدمتها القطاع الخاص، فتوفير هذه الخدمات الأساسية يعد حل مهم لشرائح من المجتمع تشعر بالإهمال والخذلان وبأنها ليست جزء من مدينتها، فأحد أهم مسؤوليات القيادة الحكومية هي احتضان الجميع وتوسيع الوطن لهم وبهم.

مقالات ذات صلة