مراجعة فيلم قرين مايل (1999)

يتابع الكثير منا الأفلام لأسباب مختلفة، فهناك من يتابعها للمتعة اللحظية، وهناك من يضيع بها وقت فراغه فكلمة (جيبلنا فيلم أكشن) كانت مشهورة جداً في زمن تأجير الأفلام، لكن نحن يا صديقي مختلفون. نحن نغوص في الأفكار، ونحلل المشاهد، ونحاول إيجاد أبعاد أخرى لكل مشهد...من الآخر نحن نبحث عن الزتونة. كيف لمن شاهد فيلم قرين مايل أن يصفه بفيلم سجن؟ ألا يعلم أن أصحاب العمل هم من قاموا برائعة شاوشانك ريدمبشن قبل وقت قصير؟ المخرج دارابونت والمؤلف ستيفن كينج والمدهش توم هانكس في فيلم واحد...صداع من كثرة الإبداع.

الحياة مليئة بالظلم وهذا شيء طبيعي، ولكن غير الطبيعي أن تحب من ظلمك. قضية قتل بشعة...طفلتان تعرضا للاغتصاب قبل القتل، إذاً هذا هو محرك الفيلم...
أما الـ "قرين مايل" فهو المكان الذي تدور فيه الأحداث، سجن مخصص للسجناء قبل أن يتم إعدامهم بالكرسي الكهربائي. الزمن: 1935 وهي فترة الكساد العظيم في أمريكا.

الملاحظ هنا أن السجناء الثلاثة الذين أعدموا كانوا من الأقليات: أفريقي أمريكي، وأمريكي أصلي، ومواطن أوروبي مهاجر...وظيفة القرين مايل هي أن يجعل هؤلاء المساجين في حالة سكون حتى يتم إعدامهم واحد تلو الآخر.

لكن بأي طريقة؟


ليس بالقمع أو بالعنف، بل باللطف والكلام الودود، بالموسيقى والمحادثات وفرصة للحديث...تماماً مثلما فعلت أمريكا مع الأقليات في تلك الفترة، السيطرة عليهم فقط بالعواطف. ما زال هذا الطقس موجود إلى الآن وهو معروف بكرت الحنية...والحارس بول هو المسؤول عن هذا! لكن المشكلة في الحارس الآخر (ويتمور) الذي كان مكروه من الجميع، لأنه كان يعتمد أسلوب العنف والظلم والقمع، ولم يكن له مكان في القرين مايل إلا بسبب صلة القرابة مع عمدة المدينة.

أما البطل فهو -المتهم بقتل الطفلتين سابقتي الذكر- جوني كوفي، وهو أفريقي-أمريكي عملاق ذو عقل طفولي بسيط، ولكن لديه هبة عظيمة تتمثل في شفاء المرضى، ورؤية ماضي الأشخاص إذا لمسهم.

فسّر الكثير شخصية جوني بأنه تجسيد لعيسى المسيح عليه السلام، ولكنني شخصياً أختلف معهم وأتفق مع رأي آخر لأن عيسى عليه السلام في المسيحية قتل لكي تغفر خطايا البشر، ولكن جوني لعن بول مدى الحياة وأذهب عقل ويتمور الحارس الظالم وهذا ليس من أعمال عيسى عليه السلام. كوفي ما هو إلا شخص بسيط وما يميزه الطيبة والمساعدة بدون مقابل.

الفأر...لماذا طارت له كل هذه المساحة؟

الفأر ما هو إلا أحلام البسطاء الصغيرة...وتلاحظ أن بول كان موافق على تواجد الفأر عند المساجين ولم يمانع، بل ذهب لأكثر من ذلك ووعدهم أن الفأر سوف يعيش في بيت يعتني بالفئران فتصرف له إعاشة...إنه فقط حلم والأحلام ببلاش، فلتدع الشعوب تحلم بما تريد، ولكن الواقع نحن نملكه. ولكن يأتي السجان ويتمور ليدوس على الفأر ويكسر أصابع السجين ويتسبب في ربكة داخل السجن لينال ما يستحق.

ولعنة القرين مايل ستلاحق الجميع...لن ينجو منها أحد.

يجب عليّ مشاهدة الفيلم مجدداً فهو مليء بالإسقاطات، وكل مشهد غني بالسيناريو الرائع والكادرات المبهرة، والموسيقى المدهشة في الخلفية. تابع الفيلم يا صديقي وركز على التواريخ والأشياء الصغيرة التي تظهر للوهلة الأولى بأنها غير منطقية.
شاركنا بما رأيت أو لاحظت ونحن نستمتع بقراءة ملاحظاتك في التعليقات...في حفظ الله أترككم.

ازاي الانسان يقدر يعيش مظلوم.. والناس حوليه مش قادرة تساعده؟The green mile

مقالات ذات صلة