وجه أصفر صغير واحد بعيون متلألئة من شأنه أن يقلب فحوى الرسالة رأسًا على عقب، وآخر بعيون اتخذت شكل القلب يمكنه أن يختصر جُملاً من التعبيرات المُغازلة! قلب أزرق قد يعني الصداقة، وآخر أحمر قد يرمز للإعجاب... لعلك حزرت ما أود أن أحدثك عنه من خلال مقالتي هذه، إنه عالم الإموجيز أو الرموز التعبيرية الذي غزى عوالمنا الافتراضية منذ عام 1980، فتحولت للغة جامعة مدت جسر الوصال لأقاصي العالم مُقربةً المسافة بين متحدثي اللغات المُختلفة، وخالقةً مساحةً من الفهم والتعبير يمكن للجميع استدراك معانيها. فما حكاية الإيموجيز؟ وما الدلالات النفسية التي قد تُحمّل بها؟
مدفوعًا بشعوره بحاجتنا لتواصل أكثر شاعرية ، ابتكر المصمم الياباني "شيجيتاكا كوريتا" أول رمز .i-mode تعبيري بين عامي 1998 و 1999 والذي كان يعمل على منصة للإنترنت تسمى العجيب أنه استسقى إلهامه لتنفيذ هذه الفكرة من رموز نشرات الطقس والعلامات الموجودة على لافتات الشوارع، وبالفعل تبني الفكرة وحوّر فيها وانطلق في إحداث ثورته الالكترونية...
وبالعودة لزمن اختراع الايموجي، الذي تميزت فيه الرسائل بالخصائص المقيدة، بما في ذلك محدودية كلماتها ، التي كان عددها لا يتجاوز 250 حرفًا، لذا كرر المصمم تصريحه عن دوافع ابتكار الإيموجي قائلاً: (كانت رسالة مثل "ماذا تفعل الآن؟" يمكن أن تكون تهديدًا، ولكن مع إضافة وجه مبتسم أصبح من السهل تخفيف اللهجة).
كما يعود أصل تسمية الرموز الرقميّة إلى مصطلح "الإيموجي." من الكلمة اليابانية التي تحمل مقطعين صوتيين وهما E: أي صورة وMOJI: أي حرف أو رمز.
هذا فيما يخص حكاية الايموجيز، لكن أسَبق وأن تساءلت عن الدلالات النفسية لاستخدام الوجوه الصفراء الصغيرة يا ترى؟ إذا ما نظرنا للأمر نظرةً واسعة فإن الإموجيز ماهي في حقيقة أمرها إلا رموز، وفي حقل علم النفس التحليليّ ربط عالِمُ النفس سيغموند فرويد الرموزَ بالمشاعر، النابعة في معظم الأحيان من العقل القديم وذكرياته اللاواعية.
يؤمن فرويد بأنّ الرمز هو تجسيد لحالة شعورية غير معبر عنها بما يكفي، بالطبع فإن أنماط التعبير الرمزيّة التي استعان بها فرويد كانت أكثر تعقيدًا من وجوهنا الصفراء المحببة الصغيرة، إلا أن الكثيرين من باحثي علم النفس وجدوا أن نظرياته قابلة للإسقاط على الرموز التعبيرية ما دامت وسيلة يومية فعالة يستخدمها الإنسان للتعبير عن دواخله. سيما إذا ما نظرنا للأمر نظرةً تاريخية فإن علاقة الإنسان بالتركيز عريقة وقديمة قدم التاريخ، فرغم تعدد أشكال الرموز واختلاف وسائل استخدامها إلا أن علاقتها كانت وطيدة مع الإنسان الذي لجأ لها مبكرًا في توثيق حياته وفي التعبير عن انتمائه ورغباته حتى.
وتعتبر الرموز التعبيرية التي نستخدمها في زمننا هذا، والتي باتت جزءًا من التواصل الإنساني اليوم، تعتبر شكلاً آخر من أشكال لغة الجسد والصورة. فتمامًا كما تعزز إيماءاتنا الجسدية وحركة يدينا من لغتنا المنطوقة، فإن للايموجيز ذات الأثر تقريبًا مع تلك المكتوبة.
نشهد اليوم على ثورة حقيقية في العوالم الالكترونية شملت بالطبع الرموز التعبيرية التي تزداد إتقانًا مع كل تحديثٍ برمجيٍ جديد، إذ بات يسهل عليك أن توصل للطرف الآخر من المحادثة شعورك بدقة بالغة من خلال رمز تعبيري واحد! وعلى ذكر ذلك، إليك الرموز التعبيرية الأكثر استخدامًا في منطقتي شمال أفريقيا والشرق الأوسط وفقًا لاحصائيات موقع فيسبوك:
ماذا عنك؟ أخبرنا في التعليقات عن أكثر الرموز التعبيرية ظهورًا في محادثاتك مع الصحب والأحباب.